لماذا نشاهد الأفلام؟ ولماذا تستهوينا السينما؟
أصبحت الأفلام والسينما جزءًا لا يتجزأ من حياتنا، حيث تحولت إلى لغة عالمية تتجاوز الحواجز الثقافية واللغوية. سنحاول أن نتعرف معًا على الأدوار المتعددة الأوجه التي تلعبها السينما في المجتمع، بدءًا من الترفيه والاستمتاع ومحاولة الهروب من رتابة الحياة اليومية، مرورًا بالإلهام الذي تشعله فينا، وصولًا إلى فكرة عكس الأيديولوجيات السياسية والبروباغندا المسيسة.
إن تأثير السينما عميق وشامل، حيث يمكن أن تكون الأفلام مصدرًا للترفيه، وأداة للدعاية، ومرآة للمجتمع وعيوبه. إذًا، ما الذي يجذبنا إلى الشاشة الفضية ومشاهدة الأفلام؟
الترفيه والاستمتاع
توفر السينما وسيلة هروب من ضغوط الحياة اليومية من خلال نقلنا إلى عوالم وأزمنة وتجارب مختلفة. كما أنها تحكي قصصًا مشوقة تجذب انتباهنا وتثير فينا مجموعة متنوعة من العواطف والأحاسيس، مما يجعلنا نشعر بالاتصال العاطفي مع الشخصيات، دون أن ننسى التأثيرات البصرية والسمعية الغامرة التي تبهر مسامعنا وأعيننا.
بينما تسهم الفكاهة في تحسين مزاجنا، وتُبقينا أفلام الإثارة والأكشن والرعب على حافة مقاعدنا بتشويقها وإثارتها، في حين تحفز أفلام الخيال العلمي والفانتازيا خيالنا وإبداعنا. كذلك، توسع الأفلام فهمنا للعالم من خلال عرض ثقافات وتقاليد ولغات مختلفة، مما يعزز استيعابنا وإدراكنا للعالم من حولنا.
لذلك، يمكننا القول إن السينما لها تأثير إيجابي على حياتنا بلا شك. لكن، ليس دائمًا! كيف ذلك؟ تابع معنا لتعرف.
السينما... فرصة للتعلم والتعرف!
توفر الأفلام الدرامية التاريخية رؤى مفصلة حول الأحداث والفترات التاريخية، مما يساعد المشاهد على فهم وتقدير التاريخ بطريقة أكثر جاذبية من الكتب الدراسية، بالإضافة إلى الأفلام التي تدور أحداثها في فترات زمنية محددة، حيث تقدم لمحة عن الأعراف الاجتماعية، والموضة، والسياسة، ونمط الحياة في تلك الأوقات.
أما الأفلام الوثائقية، فتشرح الأفكار العلمية المعقدة والقضايا البيئية، خاصة عندما تُقدَّم بطريقة بصرية، مما يجعلها سهلة الفهم والاستيعاب ويزيد من تثقيف المشاهد.
كذلك، تثير أفلام الخيال العلمي الاهتمام بالعلوم والتكنولوجيا من خلال تقديم المفاهيم العلمية بطريقة سهلة ومثيرة للاهتمام.
كما أن للأفلام القدرة على جعل المتفرج يكتسب مهارة التفكير النقدي والتحليل، حيث تتحدى العديد من الأفلام، مثل Inception ذات الحبكات المعقدة والمواضيع العميقة، المُشاهد للتفكير النقدي وتحليل القصة والشخصيات. وكذلك سلسلة أفلام The Matrix، التي تحمل رسائل خفية وباطنية، مما يجعل المشاهد يحاول اكتشاف ما يخبئه المخرج وكاتب القصة وراء اللقطات والمَشاهد.
الجانب المظلم للسينما!
بالإضافة إلى إمكانية السينما في ترك أثر إيجابي على المُتفرج، تتعرض الأفلام أيضًا لانتقادات كبيرة عندما يكون هدفها ترويج الأفكار المُسيَّسة، أو المواضيع اللاأخلاقية مثل الشذوذ الجنسي والعُري، أو حتى التشجيع على العنف. عندها تصبح السينما أداةً دعائية هدفها الانحطاط الأخلاقي، ولا فائدة وراءها.
فعلى سبيل المثال، خلال حرب الفيتنام، تجندت الآلة الدعائية الهوليوودية لصناعة أفلام حروب تُظهر الجانب الأمريكي على أنه الجندي الخارق الذي لا يُهزم. أو بعد الحرب على العراق، كانت أغلب الأفلام الأمريكية التي تصدر تُثمّن فكرة أن الغزو الأمريكي كان من أجل تحرير العراق من الإرهابيين وتخليصها من أسلحة الدمار الشامل، تلك الأسطوانة الدعائية التي كُشفت نواياها الحقيقية للعالم، والتي لا تحتاج إلى توضيح.
أما موضوع الشذوذ الجنسي، فقد أصبح ظاهراً بشكل كبير في السنوات الأخيرة. في بعض الأحيان قد نشاهد فيلمًا رائعًا، لكن بدون سبب أو مبرر نجد شخصيات مثلية تُقحم في القصة دون إضافة فعلية.
وربما لاحظ البعض فكرة أخرى باتت تنتشر في معظم الإنتاجات السينمائية مؤخرًا، وهي تبادل الأدوار بين الرجل والمرأة. هناك أفلام يظهر فيها الرجل يقوم بأعمال المنزل والمطبخ، بينما تتولى المرأة الأعمال "الرجالية" وتتحمل المسؤولية. يبدو أن السينما قد بدأت تفقد المعنى الحقيقي الذي تحمله.
ما العمل الآن؟ هل نبتعد عن مشاهدة الأفلام؟
إجابة هذا السؤال تعود لكل شخص وقناعاته. لكن كنصيحة، من الضروري أن يمتلك الشخص خلفية ثقافية وقناعة شخصية قوية، تمكنه من التصدي لأي محاولة ترويج لأفكار خبيثة أو لاأخلاقية. يجب أن يكون مثل الجندي المستعد، مسلحًا بوعي ثقافي ليتمكن من مراوغة وتفادي ما لا يفيده.
المشكلة الأكبر تكمن لدى الأجيال الصاعدة، خاصة المراهقين، حيث تجد بعضهم فارغين ثقافيًا، ومندفعين لمشاهدة أي محتوى دون وعي كافٍ، مما يجعلهم عرضة لغسل أدمغتهم بأفلام تروج لمفاهيم ضارة.
قد يرى البعض أن اعتزال السينما وعدم مشاهدة الأفلام هو الحل الأمثل، لكن دعني أخبرك بشيء.. لن تستطيع تحصين نفسك إذا لم تكن على دراية بما يجري من حولك. حاول أن تتحكم فيما تشاهده، وأن تتفحص الرسائل التي يحاولون تمريرها، حتى تتمكن من التعامل معها وتفادي ضررها. أو كما يقول المثل: "أبقِ أصدقاءك قريبين، لكن أعداءك أقرب!"
هوليوود وأزمة الأصلية في أعمالها الفنية.. كيف أصبحت الأفلام الأمريكية تفتقد للأفكار الجديدة؟ تعرف على الإجابة