مراجعة مسلسل ما وراء الطبيعة Paranormal.. هل نجح أخيراً المنتوج التلفزي المصري في منافسة المنتوج الغربي؟
© 2020 Netflix. All Rights Reserved. |
كان يمكن أن أضيف لعنوان المراجعة كلمة العربي إلى جانب المصري، لكن لا يمكن أن نعمم عمل معين لدولة عربية معينة على سائر المنتوج الفني لباقي الدول العربية، خصوصاً عندما نسأل "هل فعلاً نجح هذا المسلسل؟ هل خيب الآمال والتوقعات؟" ورغم أننا سنحاول الإجابة على هذا السؤال، لا يمكنني حتى أن أحكم وأعمم القول على المنتوج الفني المصري بأكمله! فأولا لست بالمواطن المصري الذي قد تكون له نظرة أقرب لما يُنتج هناك، بالإضافة إلى أن آخر مرة كانت لي تجربة مع الأعمال الفنية المصرية هي عندما كنت لا أزال طفلاً حيث كبرنا مع مشاهدة الأفلام والمسلسلات المصرية التي كانت تملأ شاشاتنا في المغرب، وبالتالي، أعتبر نفسي فقير في النظرة الفنية للأعمال المصرية.
مسلسل ما وراء الطبيعة هو مسلسل مكون من ست حلقات من تقديم شبكة نتفليكس ومن إنتاج طاقم مصري بالكامل تقريباً. ست حلقات تبدو وكأنها ست أفلام سينمائية عالية الجودة بفضل الجودة العالية لأغلب الجوانب الفنية للمسلسل، مثل الديكور والإكسسورات والتصوير والموسيقى والتمثيل... لكن هل أجبنا على السؤال السابق؟ ليس بعد!
قصة مسلسل ما وراء الطبيعة؟
تدور حول دكتور اسمه "رفعت" أخصائي في أمراض الدم خلال سنوات ستينيات القرن الماضي ومغامراته في عالم ما وراء الطبيعة الذي يرفض أن يعترف بوجوده، رغم أنه يجد نفسه كل مرة أمام سلسلة من الأحداث الخارقة للطبيعة والغريبة التي تتحدى عناده وتدفعه لإعادة التفكير فيما يؤمن به.
التمثيل.. أول ركائز الفيلم التي أثارت انتباهي!
© 2020 Netflix. All Rights Reserved. |
بدأ المسلسل وبدأنا نتعرف على بعض شخصياته، أهمها شخصية الدكتور رفعت إسماعيل المحور الأساس في المسلسل. الشخصية يقدمها الممثل المصري الشاب أحمد أمين، وبعد بحث قصير يبدو أنه في بداية مشواره التمثيلي، لكنه قدم أداءً أبهرني لدرجة كنت أعتقد أنه أحد الممثلين الكبار والمخضرمين في السينما والتلفزة المصرية بفضل أداء أقل ما يمكن القول عنه أنه مبهر فعلاً!
لكن الأداء المبهر لم يتوقف هنا، فباقي الشخصيات الثانوية كانت سنداً في مستوى هذه الشخصية، فقد استطاعوا أن يحملوا الحلقات الست إلى بر الآمان بكل احترافية مطلقة. شخصيات من أصغرها إلى أكبرها قدمت أداءً يستحق التصفيق الحار عليه.
القصة والأحداث.. ثاني ركائز المسلسل الأساسية
© 2020 Netflix. All Rights Reserved. |
لم يكن لي علم بالرواية المبني عليها المسلسل حتى شاهدت هذا الأخير، لكني لم أفهم جيداً نوعية الأحداث حتى وصلت للحلقات الثلاث الأخيرة، حيت يعتمد على قصة منفصلة في كل حلقة لكن تجمعها بعض خيوط الأحداث المتناثرة هنا وهناك، والتي سيتم الرجوع إليها في الأخير لربط وحزم الأحداث الرئيسية، والتي ستظهر عند وصولك للحلقة الأخيرة على أنها عبارة عن قصة واحدة مرتبطة تماماً منذ البداية، وكل شيء مغلف في فكرة عالم ما وراء الطبيعة.
لم تكن أبداً الأحداث مفككة، ولم تكن مملة أو مطولة. كنت مخطئاً عندما ظننت في البداية أن كل حلقة متباعدة عن الأخرى في قصتها. ذكاء كاتب السيناريو كان حاضراً من خلال إعطائنا قصص قد تبدو في البداية منفصلة عن بعضها البعض كما نرى في بعض الأعمال الغربية (والتي تكون هي الأخرى ناجحة كذلك، غير أنها تعتبر مسلسلات مختلفة نوعاً ما)، حيث ألقى لنا العديد من الإشارات والأحداث الصغيرة التي ستربط لنا كل شيء في الأخير، وتقدم لنا قصة كلية درامية ومؤثرة ومليئة بالمغامرة ستجلعنا نندهش لحبكة خيوطها المتماسكة والمثيرة التي أوثقت لنا جميع الحلقات فيما بينها بدون أي شيء زائد أو في غير محله.
جودة باقي الجوانب الفنية الأخرى
© 2020 Netflix. All Rights Reserved. |
سنتكلم هنا جملةً عن التصوير والموسيقى والديكورات... وسأقول أن المسلسل ضرب مركز الدائرة وفاز بالجائزة! لن أبدأ بتبرير ذلك على أن من وراء المسلسل هي شركة نتفليكس، فهذه الأخيرة تملك حقوق البث لا غير. الكلام يجب أن يكون عن الطاقم التقني والفني وكاتب السيناريو والشركات المحلية التي كانت وراء إنتاج هذه الجوانب الفنية.
كانت نتيجة مجهودهم هو حلقات مليئة بالإبداع... فالديكور رسم لنا كل حقبة زمنية وكل مكان على أفضل وجه وأظن أن الفكرة القبلية للسيناريست قد تم إحيائها كما تخيل لها، التصوير كان من مستوى أيقونات التحف السينمائية والتلفزية العالمية وحملنا عبر عدساته إلى مكان الأحداث، الموسيقى ورغم أنها كانت "أحياناً" مرتفعة وكثيرة التواجد في بعض المشاهد إلا أنها أضافت اللمسة الفنية المؤثرة التي أعطت للأحداث رونقها الدرامي الذي تحتاجه.
هل هناك ما يعيب المسلسل؟
باستثناء أن هناك ست حلقات فقط، وأن المؤثرات البصرية التي لم تكن لا سيئة ولا مذهلة، لا يوجد فعلاً ما قد يعيب مسلسل ما وراء الطبيعة هذا. أعتبره واحد من أفضل المسلسل التي صدرت في سنة 2020، وكنت أتمنى لو أن هناك المزيد منه، أو على الأقل أن يتم العمل على موسم ثاني أو شيء من هذا القبيل.
لكن صراحة من الأفضل أنه كانت هناك ست حلقات فقط، فتجربتي مع العديد من المسلسلات عندما تكون حلقات مواسمها كثيرة، تفقد تلك الإثارة والتشويق الذي بدأت به، لأن مع كل إطالة في الحلقات يفقد كاتب السيناريو الإبداع الذي بدأ به في حلقاته الأولى. لذا فالقلة والجودة أفضل من الكثرة و... أظنك فهمت.