يقوم مُحبي السينما حول العالم قبل انطلاق كل موسم سينمائي بإعداد قائمة بالأفلام المتلهفون لمشاهدتها والتي تُعرف اصطلاحاً باسم "الأفلام الأكثر ترقباً"، يتم تحديد تلك الأفلام تبعاً لعوامل متعددة ومُتغيرة من أبرزها مكانة صُنّاع العمل -وعلى رأسهم المخرج- وحجم شعبيتهم وتاريخهم الفني أو أن يكون الفيلم المُنتظر جزءاً جديداً من سلسلة سينمائية شهيرة أو أن تكون قصة الفيلم المُعلن عنها مثيرة وجاذبة للانتباه.
يعقد المشاهدون دائماً آمالاً كبيرة على أفلامهم المُرتقبة إلا أن بعض تلك الأفلام لم تكن على مستوى التوقعات وأصابتهم عند عرضها بخيبة الأمل، تقريباً لم يخل أي موسم سينمائي من تلك النوعية من الأفلام. من خلال الفقرات التالية نستعرض مجموعة من تلك الأفلام أو بالأحرى تلك الصدمات الفنية.
تعد النسخة الحيّة من فيلم The Lion King أحدث الأعمال السينمائية العالمية المنضمة إلى قائمة الأفلام المخيبة للآمال بل أنه يعتبر أحد أكبر خيبات الأمل خلال السنوات العشر الأخيرة، فقد كان من المتوقع أن يكون الفيلم أحد أكثر أفلام ديزني حصداً للإيرادات في عام 2019 وذلك بسبب ترقب الملايين حول العالم لبدء عرضه، والسر في ذلك معلوم للجميع وهو أن الفيلم يعد إعادة إنتاج لأحد أشهر وأنجح أفلام الرسوم المتحركة في تاريخ السينما.
بدأت شركة ديزني قبل سنوات في تحويل أشهر كلاسيكيات الرسوم المتحركة إلى نسخ حيّة Live-Action، وقد حققت معظم تلك التجارب نجاحاً كبيراً مثل أفلام Jungle Book وBeauty and the Beast وغيرهما، لكن الأمر كان مختلفاً بالنسبة لفيلم The Lion King الذي تلقى انتقادات حادة وشن محبي الفيلم الأصلي هجوماً ضارياً على النسخة الجديدة التي أخرجها جون فافرو.
ساهمت عِدة عوامل في السقوط النقدي المدوي للنسخة الحيّة من فيلم الأسد الملك، لكن يمكن تلخيص أبرزها في نقطتين رئيسيتين أولهما هو عدم تقديم أي رؤية جديدة، فالفيلم لم يكن مختلفاً في أي شيء عن الفيلم الأصلي حتى أن الحوار كاد يكون متطابقاً للدرجة التي دفعت البعض للتندر على الأمر بوصف "Copy & Paste"، بينما العامل الثاني كان الإفراط في الواقعية مما جعل الشخصيات المحبوبة مثل "تيمون وبومبة" تبدو مُنفرة -وأحياناً مُفزعة- في النسخة الحيّة.
كان فيلم !Mother أحد القواسم المشتركة بين معظم قوائم الأفلام الأكثر ترقباً في عام 2017، حتى أن بعض النقاد توقعوا -قبل طرحه- أن يكون له حضوراً مميزاً وقوياً في موسم الجوائز، تلك الآمال والاعتقادات بطبيعة الحال لم تأت من فراغ، إنما استندت إلى عِدة عوامل مثل أن الفيلم من بطولة الثنائي جينيفر لورانس وخافيير بارديم وكلاهما كان قد قدم عدة أعمال مميزة بمشاركة نجمين ثقيلين هما ميشيل فايفر وإيد هاريس، أما العامل الثاني فهو المخرج والمؤلف دارين أرنوفسكي الذي برغم مسيرته القصيرة حتى الآن قدم أعمالاً بالغة التميز مثل فيلم Black Swan وفيلم Requiem for a Dream.
تدور أحداث فيلم الإثارة النفسي !Mother حول زوجين يعيشان معاً حياة مستقرة يشوبها الملل والرتابة، لكن تتعرض علاقتهما لاختبار حقيقي ويصبح مستقبلهما معاً على المحك حين يزور بيتهما بعض الغرباء!.. حظي الفيلم بدرجة ترقب مرتفعة ولكن فور عرضه انقسمت الآراء حوله بشكل حاد، فهناك من وصفوه بالتحفة الفنية ولكن هناك -وهم كُثر- اعتبروه الفيلم السينمائي الأسوأ على الإطلاق!
لم تتوقف أزمة الفيلم عند حد الآراء فحسب بل أن المفارقة الأكبر تكمن في ترشحه لعدد من جوائز "التوتة الذهبية" وهي جائزة ساخرة تُمنح للأسوأ في كل موسم سينمائي بعدما كان يضع البعض احتمالاً أن يتلقى ترشيحاً أو أكثر لجوائز الأوسكار وجولدن جلوب وغيرها من الجوائز السينمائية الكبرى.
سواء كنت من محبي عالم الكوميكس وأفلام الأبطال الخارقين أو لا، فلا يمكنك إنكار الشعبية الجارفة التي صارت تحظى بها تلك الفئة من الأفلام خاصة بعد ثلاثية كريستوفر نولان الشهيرة وعالم مارفل السينمائي. في عام 2016 كان هواة أفلام الكوميكس على موعد مع حدث هام وهو فيلم Batman v Superman: Dawn of Justice الذي يُعد أول عمل سينمائي يجمع بين البطلين الأشهر في عالم القصص المصورة "باتمان" و"سوبرمان".
يستكمل فيلم Batman v Superman: Dawn of Justice أحداث فيلم Man of Steel ويدور حول محاولات حارس جوثام الليلي "بروس واين \ باتمان" لإيجاد وسيلة لقمع "سوبرمان" اعتقاداً منه بأنه يشكل خطراً جسيماً على مستقبل الأرض، بينما يسعى الشرير "ليكس لوثر" لاستغلال تصارع البطلين لصالحه. لكن المستوى العام للفيلم جاء مخيباً للآمال وتلقى العديد من المراجعات السلبية من الجماهير والنقاد على السواء.
اعتبر البعض أن هذا الفيلم سقط سقطة لا تغتفر ورآه البعض بمثابة نهاية مبكرة لعالم DC السينمائي، وقد حاولت الشركة المنتجة احتواء الأمر بطرح نسخة كاملة من الفيلم -مضافاً إليها المشاهد المحذوفة- تحت عنوان Batman v Superman: Dawn of Justice – Ultimate Edition ورغم أنها بالفعل أفضل من النسخة السينمائية إلا أنها لم تُحسن الأمر بالقدر الكافي.
صدر فيلم الكوميديا والدراما The Big Wedding في عام 2013 والذي دارت أحداثه حول اجتماع أفراد عائلة -بعد فترة طويلة من الانقطاع- من أجل الإعداد لأحد حفلات الزفاف، وفي هذه الأثناء يجاهد زوجان مطلقان منذ مدة أن يخدعا الجميع من خلال إيهامهم بأنهما لا يزالا زوجان، إلا أن ذلك يوقعهم في العديد من المفارقات الغريبة والطريفة.
تضمنت قائمة أبطال فيلم The Big Wedding عدداً كبيراً من ألمع الأسماء في سماء هوليوود مما ضمن له مكاناً ضمن قوائم الأفلام المرتقبة، في مقدمتهم النجمين المخضرمين روبرت دي نيرو وروبن ويليامز إلى جانب كاثرين هيجل وديان كيتون وأماندا سيفريد، إلا أن الفيلم لم يكن على المستوى المعتاد من أي منهم وخاصة روبن ويليامز مما أصاب المشاهدين -خاصة المتحمسين- بخيبة أمل.
جدير بالذكر أن الفيلم تلقى انتقادات لاذعة ومراجعات نقدية سلبية كان لها تأثير بالغ على مستوى أدائه في شباك التذاكر العالمي ولم تشفع له جماهيرية نجومه؛ إذ لم يجن إلا 38 مليون دولار أمريكي بفارق ثلاثة ملايين فقط عن ميزانيته الإنتاجية البالغ قدرها 35 مليون دولار أمريكي!
يُعد تقديم الأجزاء الثانية في عالم السينما من بين المخاطرات التي يجب الاحتساب لها بشكل جيد، إذ يجب على صُنّاع العمل في تلك الحالة تجاوز سقف التحدي الذي وضعوه لأنفسهم بالجزء أو الأجزاء السابقة، أما في حالة عجزهم عن تحقيق ذلك يكونوا قد سقطوا في الفخ الذي نصبوه بأيديهم لأنفسهم، وهذا تحديداً ما حدث مع صُنّاع فيلم Ocean’s Twelve إنتاج عام 2004 والذي جاء ليُتمم أحداث فيلم Ocean’s Eleven الذي سبقه بثلاثة أعوام.
تدور أحداث فيلم Ocean’s Twelve حول قيام داني أوشن وعصابته بالتخطيط لعملية سرقة جديدة خلال نطاق زمني بالغ الضيق الهدف منها الحصول على مبالغ كافية لسداد ما قاموا بالاستيلاء عليه بالفيلم الأول خشية ردة فعل ضحاياهم. اعتقد أغلب محبي السينما أن الجزء الجديد سوف يكون على قدر الجزء الأول، لكن يبدو أن صُنّاع الفيلم اعتقدوا بأن شعبية الفيلم ستكون ضماناً كافياً لنجاح فيلمهم، الذي جاء أقل كثيراً من نظيره واعتبره الكثيرون مخيباً للآمال وبعد مرور خمسة عشر عاماً لايزال يتذيل القائمة باعتباره الأقل تقييماً بين ثلاثية أفلام Ocean’s.
جدير بالذكر أن تجربة فيلم Ocean’s Twelve لم تُردع الشركة المنتجة عن استكمال الثلاثية بفيلم Ocean’s Thirteen في عام 2007، الذي كان أفضل كثيراً من الجزء الثاني ولكنه في ذات الوقت لم يرتق لمستوى الجزء الأول وبذلك اختتمت السلسلة التي أعيد إحياؤها في 2018 من خلال فيلم مُشتق Spin-Off صدر بعنوان Ocean’s Eight.
بالعودة إلى عالم أفلام الكوميكس وأبطال الخارقين سوف نجد أن عالم DC السينمائي يتضمن تجربة أخرى مخيبة للآمال وقد تفوق تجربة فيلم BvS، ألا وهي فيلم Justice League الذي يمثل أول اجتماع حقيقي لفريق الأبطال الخارقين على الشاشة الكبيرة، وقد جاء ذلك الفيلم بعد تجربة Wonder Woman الناجحة والمميزة مما تسبب في ارتفاع أسهم التوقعات حوله، لكنه في النهاية كان بمثابة عشرة خطوات للوراء بعد خطوة واحدة للأمام!
عانى فيلم Justice League -إنتاج عام 2017- من عدة عراقيل وأزمات خلال تصويره لعل أبرزها استكمال المخرج جوس ويدون لتصوير الفيلم بدلاً من مخرجه الأصلي زاك سنايدر، وقد كان أثر تلك الأزمات واضحاً بشدة في النسخة النهائية من الفيلم ولعل أبرزها الحبكة غير المتماسكة والسيناريو المفكك المليء بالفجوات غير المبررة بالمرة، هذا بخلاف بعض المشاكل التقنية المتعلقة بتصميم الخدع البصرية، الأمر الذي أحبط الكثيرين من محبي عالم DC والأبطال الخارقين.
حقق فيلم Justice League نجاحاً مقبولاً في شباك التذاكر ولكن الهجوم العنيف عليه من قبل النقاد والجماهير اعتبرته شركة DC ناقوس خطر، مما دفعها لاتخاذ وقفة حيال الأمر وإعادة هيكلة الطاقم المنوط بمهام الإشراف على عالمها السينمائي رغبة منها في تصحيح المسار، وهو ما تحقق بنسبة كبيرة بأفلامها التالية Aquaman ثم !Shazam.
ليس هناك خلاف على أن روبرت دي نيرو وآل باتشينو هما اثنين من أكثر النجوم موهبة في تاريخ السينما العالمية وأن تاريخ كل منهما يزخر بعدد كبير من الأعمال المُصنفة ضمن أفضل وأشهر الأفلام في التاريخ، بناء على ذلك كان من الطبيعي أن يُدرج كل فيلم يجتمعان به معاً ضمن قوائم الأفلام الأكثر ترقباً، الدليل على ذلك فيلم The Irishman المنتظر عرضه خلال الشهور القليلة المقبلة.
تعاون آل باتشينو وروبرت دي نيرو معاً عدة مرات خلال سنوات نشاطهما الفني وقدما عدة أعمال بالغة التميز، لكن لكل قاعدة استثناء ويمكن القول بأن فيلم Righteous Kill -إنتاج عام 2008- هو الاستثناء في تلك الحالة، حيث تدور أحداثه حول اثنين من ضباط قوة شرطة نيويورك يتحريان حول عدة جرائم وتقودهما الدلائل للاعتقاد بأن قاتل واحد هو من ارتكب جميعها فيواصلان البحث في محاولة منهما لكشف هويته.
عانى فيلم Righteous Kill من مشاكل عديدة على مستوى السيناريو الذي اعتمد على قصة مكررة حد الاستهلاك، كما أن إيقاع الفيلم جاء رتيباً لدرجة أصابت معظم المشاهدين بالملل، بالإضافة إلى أن هذا وذاك انعكس سلباً على مستوى أداء النجمين المخضرمين وفي النهاية حاز على تقييمات منخفضة جداً على مختلف المواقع السينمائية الشهيرة.
يُعد كل من الممثل ماثيو ماكونهي والممثلة آن هاثاواي من ألمع الأسماء في هوليوود في الوقت الحالي، وقد سبق أن تقاسما بطولة فيلم الخيال العلمي Interstellar للمخرج كريستوفر نولان الذي حقق نجاحاً كبيراً على الصعيدين الجماهيري والنقدي. خلال الموسم السينمائي الحالي 2019 قررا إعادة التجربة تحت قيادة المخرج ستيفين نايت من خلال الفيلم الدرامي المثير Serenity لكن النتائج كانت مغايرة تماماً.
تدور أحداث فيلم Serenity حول "باكير ديل" قائد قوارب الصيد المُقيم في منطقة البحر الكاريبي، الذي تنقلب الهادئة المستقرة حين تظهر زوجته السابقة فجأة وتعيد إليه ماضيه -المُحاط بالغموض- الذي طالما حاول الهرب منه، وتتعقّد الأمور لدرجة أكبر حين يكتشف سر عودته والأمر البالغ الأهمية الذي تحتاج إلى مساعدته بشأنه ليجد نفسه مُجبراً على خوض عدة تحديات غير متوقعة.
واجه الفيلم انتقادات حادة فور طرحه في دور العرض السينمائية وحاز على تقييمات منخفضة على موقع Rotten Tomatoes وغيره من المواقع السينمائية، وهو ما انعكس على مستوى أدائه في شباك التذاكر العالمي فلم يجن إلا 25 مليوناً وهو بالتأكيد أمر مُحبط بالنسبة لمُنتجيه، أما مستواه الفني فقد كان مُحبطاً للملايين الذين ترقبوا عرضه منذ الإعلان عن بدء عمليات الإعداد له، وقد ألقت معظم الآراء بالمسؤولية على عاتق الإخراج في المقام الأول والسيناريو في المقام الثاني.
حقيقة كم خيبات الأمل في تاريخ السينما العالمية يفوق ما يمكن حصره، ويمكننا إضافة المزيد والمزيد للقائمة مثل تجربة فيلم Scoop عام 2006 التي لم ترتق للمستوى المتوقع من مخرجه المخضرم وودي آلان، وإن أردنا العودة لأبعد من ذلك سنجد تجربة فيلم The Greatest Show on Earth -إنتاج 1952- إخراج سيسيل بي. دي ميل وفيلم 1941 -إنتاج 1979- للعملاق ستيفن سبيلبرج الذي رغم نجاحه الجماهيري آنذاك تلقى انتقادات لاذعة.
ويبقى السؤال الأهم هنا، هو ما الفيلم الذي وضعته يوماً على قائمة الأعمال السينمائية المرتقبة ولكنه خيّب آمالك وجاء بمستوى فني متدني كثيراً مما كنت تتوقعه؟