نجحت نتفلكس في تقديم عدد كبير من المسلسلات الرائعة، استطاعت أن تحقق بها شعبية هائلة في كافة أنحاء العالم، لذا أصبح اسم نتفليكس عنوان نجاح وعلامة تميّز واضحة لأي عمل، وقد جاء مسلسلنا محل المراجعة اليوم Stranger Things مؤكداً لتلك القاعدة بل ويضيف لها ولتاريخ نتفليكس مزيداً من النجاح والتألق.
Advertisements
ما الذي قدمه لنا مسلسل Stranger Things ليحقق كل هذا النجاح؟
انطلق الموسم الأول من المسلسل الرائع Stranger Things في عام 2016، ليلاقي نجاحا كبيرا ويحقق بسرعة وبسهولة قاعدة جماهيرية عريضة جداً، يرجع ذلك إلى عدة أسباب دعنا نلقي عليها نظرة أكثر شمولاً.
جاء اختيار حقبة الثمانينات لتدور بها أحداث المسلسل موفقًا للغاية، فالثمانينات وربما بداية التسعينات أيضًا تعد هي حلقة الوصل بين كلاسيكية الزمن القديم وعصرية زمننا الحالي، لذا لن تشعر بالغربة أبدًا أثناء مشاهدتك للمسلسل أياً كان عمرك، هذا بالإضافة إلى ما سيشعر به مواليد السبعينات وأوائل الثمانينات من حنين للبدايات الجميلة، مع كل تلك تفاصيل الثمانينات التي غمرتنا بها نت فليكس في مسلسلها الرائع.
قام ببطولة المسلسل خمسة أطفال في موسمه الأول وانضمت لهم طفلة جديدة في الموسم الثاني، تلقائية وطبيعية الأطفال وموهبتهم الفطرية أحدثت التوازن المطلوب مع فكرة المسلسل القوية والشيقة، لا نتكلم هنا عن موهبة فذة وأداء لا تشوبه شائبة فهم في النهاية لازالوا أطفال، ولكني هنا أتحدث عن التلقائية والبساطة واختلاف الشخصيات وتناغمها في نفس الوقت، فقد حقق ذلك التنوع ظهور محبب جدًا للمجموعة على شاشة نتفليكس.
ذكاء اختيار النهايات
إن كنت تفضّل النهايات المفتوحة فعليك بمشاهدة مسلسل Stranger Things، أما إن كنت تفضّل النهايات المغلقة فعليك أن تشاهد Stranger Things أيضًا! لا تتعجب يا عزيزي فمسلسل Stranger Things استطاع أن يقدم نهاية لكل موسم ترضي كافة الأذواق، حيث سنقابل في كل موسم مشكلة يصارع أبطالنا الصغار للوصول لحلها وهو ما يحدث فعلاً في النهاية، إلا أن صنّاع المسلسل لا يتركونا ننعم بنهاية هادئة سعيدة كتلك، بل يقدمون مشهد ختامي يوضح أن الأمر لم ينتهي بعد وأننا على موعد مع بقية المغامرة في الموسم القادم، مع تلك الطريقة الذكية لا نصاب بإحباط بسبب وجود أمور كثيرة غير منتهية، وفي نفس الوقت نصبح أكثر شوقاً لموسم قادم ومغامرة جديدة.
والآن بعد أن ألقينا نظرة سريعة على المسلسل بشكل عام دعنا نتطرق للموسم الجديد ونراجعه بشكل أكثر تفصيلاً لنعرف هل لازال Stranger Things يحافظ على نجاحه الكبير أم أن الموسم الجديد جاء مخيباً لآمال مشاهديه؟
في الموسم الجديد من المسلسل لم نعد نرى أطفال على الشاشات، فأطفالنا أصبحوا الآن مراهقون، لذا أتفهم تماماً ما يحتاجه صنّاع المسلسل من تمهيد وتأسيس لصورة الأبطال الجديدة، خاصة مع طبيعة فترة المراهقة المزدحمة والمجهدة، إلا أنه مع موسم مكون من ثمان حلقات فقط، يعد تخصيص ثلاثة حلقات كاملة كتمهيد لتلك الفترة الجديدة بمتطلباتها دون الدخول في الأحداث الحقيقية، يعد بداية بطيئة للغاية ومملة جدًا للمسلسل، هذا بالرغم من أننا تعودنا على بطء البدايات في المواسم السابقة، إلا أن الأمر جاء هذه المرة أكثر مما يمكن احتماله.
Advertisements
قصة تفتقد للمنطق وغير مبررة
حسنا نحن هنا لنشاهد مسلسل خيال علمي، لذا فمن الطبيعي والمنطقي أن نجد به أفكار غريبة عن واقعنا المحيط، إلا أننا حين نتطرق لأمور واقعنا الحالي لابد ألا نخرج عن نطاق المعقول، ولكن يبدو أن لصنّاع المسلسل رأي مختلف، فقد أقحموا على القصة التي يقوم الأطفال ببطولتها أبعاد وعمق غير مقبول، فكيف لمجموعة من الأطفال مواجهة الكيان الروسي الكبير بل والنجاح في خداعه، ما الداعي لإقحام الروس وعلاقتهم بالأمريكان في المسلسل؟!
مع تلك الأحداث المقحمة وغير المبررة نستطيع أن نقول أن قصة الموسم الثالث من مسلسل Stranger Things بلا أساس أو تقوم على أساس واهي.
الأداء التمثيلي لأبطال المسلسل
منذ البداية ونحن نشيد بأداء أبطالنا الصغار، وهو الأمر الذي لم يتغير هنا فمازال مراهقونا يقدمون لنا أحداث القصة الغريبة بطريقة جميلة ومحببة، ولكني هنا الآن لأشيد بأداء ميلي بوبي براون التي تلعب دور إلفين، فهناك تطور كبير في أداء ميلي بوب براون حيث نجحت من خلال أحداث الموسم الثالث أن تقدم للمشاهدين وجبة تمثيلية دسمة ومتنوعة استطاعت بها أن تكسب تعاطف مشاهديها وتنال إعجابهم لتسيل دموعهم مع دموعها الصادقة في نهاية الموسم.
بالرغم من أن قصة المسلسل وفكرته تعتمد في الأساس على أجواء الرعب والخيال العلمي، إلا أنه لم يغفل الجانب الإنساني، الذي ظهر في الموسم الأول والثاني كلمحة سريعة لم تظهر بوضوح بين إلن وهوبر في البداية، ثم العلاقة بين الأم جويس بايرز وطفلها ويل.
أما الموسم الثالث فقد أفرد للجانب الإنساني مساحة أكبر من سابقيه، حيث تعرّفنا معاً على قصة بيلي هارجروف الذي ظهر في الموسم الثاني من المسلسل كشخصية شريرة ومتنمرة، في هذا الموسم نتعرّف على خلفية بيلي والأسباب التي أدت إلى نشأته على تلك الصورة السيئة التي ظهر بها في البداية، وجبة دسمة وأداء مبهر قام به داكر مونتغمري الذي لعب هنا دور بيلي هارجروف.
جاءت الكوميديا في الموسم الثالث بصورة أوضح وبشكل ملحوظ أكثر من المواسم السابقة، وهم الأمر الذي اختلف بشأنه جمهور المشاهدين، فهناك من أشاد بالأمر وهناك من رفضه واعتبره إفساد وتقليل من أهمية اللحظة، خصوصاً وأن الكوميديا جاءت مركزة في أكثر لحظات المسلسل حرجاً وتوتراً.
دعني أخبرك هنا يا عزيزي أني من الفريق الذي أشاد بكوميديا الموسم الثالث، بل وأعتبرها نقطة من نقاط القوة، سمحت للمُشاهد بإلتقاط أنفاسه في أشد لحظات المسلسل إثارة دون أن تفصله عما يدور على الشاشة، أحببت الأمر أكثر لأن تلك الكوميديا صدرت من أطفال وهو الأمر المنطقي والمتوقع هنا، فالطفل يبقى طفلاً وربما غير مدرك أو مسؤول بالشكل الكافي مهما اشتدت الأمور وتأزمت.
كما هو الحال مع كل إنتاجات نتفليكس، ظهر الموسم الثالث من مسلسل Stranger Things بصورة رائعة كسابقيه وربما جاء أيضاً أكثر روعة، فما شاهدناه هنا من معارك قوية بين أبطال لمسلسل وأشباح العالم المقلوب المرعبة جاء بصور أكثر من رائعة، بسبب تقنيات الصورة والصوت العالية المستخدمة هنا، زاد من روعة المشاهد الإخراج المميز الذي اهتم وعالج كل التفاصيل من أكبرها لأصغرها، أما الموسيقى والأغاني فقد جاءت جميلة ومناسبة لحقبة الثمانينات تماماً.
في النهاية أجيب على سؤالي الأول "هل لازال Stranger Things يحافظ على نجاحه الكبير أم أن الموسم الجديد جاء مخيباً لآمال مشاهديه؟" بالرغم من نقاط ضعفه السابق ذكرها إلا أنه قدم لنا أحداث تشويقية ببراعة شديدة ونهاية قوية ومؤثرة جعلتني في انتظار الموسم الرابع ليجيب على الأسئلة التي لازالت حتى الآن معلّقة وبلا إجابة، كما أتمنى أن يقدم لنا المسلسل في موسمه القادم أسباب مقنعة لوجود الكيان الروسي في الحكاية ويعرّفنا أكثر على العالم المقلوب وسكانه الذين لازلنا لم نعرف عنهم إلا القليل.