مثال عن العزيمة والإصرار، والجنون! مراجعة فيلم I, Tonya
فيلم I, Tonya هو عبارة عن سيرة ذاتية حول بطلة التزلج الفني على الجليد؛ الأمريكية "تونيا هاردين"، والشهرة السيئة التي كسبتها خلال مشوارها الاحترافي، حيث أثرت عدة عوامل على حياتها الاحترافية والشخصية، مثل علاقتها القاسية مع أمها والعنيفة مع زوجها، الشيء الذي جعلها من أكثر النساء ذائعة الصيت في أمريكا خلال سنوات التسعينيات من القرن الماضي، حيث بالإضافة إلى الشهرة العالمية الإيجابية التي كسبتها، جعلت من نفسها أيضا من أكثر الشخصيات كرها في أمريكا.
Image: I, Tonya - Courtesy of NEON |
حيث وأنا أشاهد لم أصدق أنها هي من تتزلج بتلك الرشاقة والاحترافية، لكن في الأخير تبين أن "مارغوت روبي" هي فعلا من قامت بأغلب مشاهد التزلج في الفيلم، باستثناء تلك التي تقوم فيها بالقفزات الثلاثية المحور (triple axel) حيث توجب الاستعانة بمحترفة في المجال، لكن أغلب المشاهد الأخرى هي صاحبتها. وقد قالت مارغوت روبي خلال بداية جولة الفيلم في القاعات السينمائية أنها تدربت لحوالي ثلاثة إلى أربعة أشهر قبل بداية تصوير الفيلم، خمسة أيام في الأسبوع لعدة ساعات في اليوم. مثير للإعجاب!
Image: I, Tonya - Courtesy of NEON |
Image: I, Tonya - Courtesy of NEON |
نعود لبطلتنا تونيا هاردين، حيث قِيل أن هناك شيء في غير محله حول الاختيار الصحيح للممثلة التي تؤدي هذا الدور، العديد قال إن الممثلة "مارغوت روبي" لم تكن ذلك الاختيار الأنسب للدور، ليس أن هذه الأخير لم تلعبه بشكل جيد، بالعكس فقد أبدعت فيه أكثر من المتوقع، لكن المشكل هو أنه عندما تشاهد أي فيلم آخر لها يأتي على بالك بسرعة شخصية "هارلي كوين" من فيلم Suicide Squad، حيث أن ذلك الدور الذي لعبته يبقى تذكاري في مسيرتها ومن الصعب جدا أن نراها في شخصية أخرى غير تلك، لذلك عندما تشاهد أي فيلم لمارغوت روبي مباشرة تتذكر شخصية هارلي كوين.
Image: I, Tonya - Courtesy of NEON |
جانب آخر يجب أن نتكلم عليه وهو الإخراج، فرغم أن مسيرته ليست بالحافلة بالأعمال الخالدة إلا أن المخرج "Craig Gillespie" قدم لنا فيلم مثير للدهشة من جميع جوانبه، باستثناء القصة التي لن نتكلم عنها لأنها مبنية على أحداث واقعية، وبالتالي يجب أن نتكلم عن بنيتها، والتي بالمناسبة كانت محكمة منذ البداية، لم يكن هناك أي لحظة تُغرقك في الملل أو عدم الاكتراث، بل كان الفيلم مسليا ومثيرا للاهتمام منذ بدايته إلى نهايته. أضف لذلك طريقة التصوير الرائعة، حيث نرى كيف تتحرك الكاميرا وتتبع شخصيتنا عبر حلبة التزلج، مما أضاف لمسة جذابة للفيلم.
شيء آخر وجب الإشارة إليه وهو أن هذا الفيلم ليس كباقي الأعمال الهوليوودية التي دائما ما نراها تمجد أمريكا وأبطالها... هذا الفيلم سرد لنا قصة حقيقية كما هي دون المبالغة في تعظيم بطلتها. لم أكن من متابعي تونيا هاردين الحقيقية في أيامها، لكن ما سمعت وقرأت من الذين عاشوا في زمنها أكدوا أن الفيلم صور القصة كما هي دون زيادة. هذا الأمر كان ضروري أن نشير إليه لأن أمريكا تحب نفسها أكثر من اللازم، بالإضافة إلى الغرور الغير محدود الذي نراه في معظم أفلامهم التي تحكي عن القصص الحقيقية، خذ على سبيل المثال فيلم الحرب والدراما American Sniper الذي صدر سنة 2014، حيث تجعلك مثل هذه الأعمال المُبالغ فيها والمُزيِّفة للحقيقة، تنفر من السينما ومن أي شيء له علاقة بالأفلام.
في الأخير، يبقى الفيلم ممتع بشكل كبير بأدائاته الخاطفة للأنظار وطريقة إخراجه الممتعة، بدون أن ننسى أن الفيلم عنيف بشكل كبير، هناك مشاهد ضرب تبدو إلى حد كبير غير زائفة وواقعية! وتبقى أهم نقطة حوله هي أنه من نوع الأفلام التي قد تشاهدها أكثر من مرة، حيث أن هناك أفلام تكون رائعة لكنها أفلام ذات المشاهدة الواحد لا أكثر، لن تستطيع عيش التجربة من جديد، هذا الفيلم قد ترغب في مشاهدته أكثر من مرة.