فيلم وثائقي حول المجموعة الصحفية المكونة من نشطاء مدنيين "الرقة تذبح بصمت"، والتي تهدف إلى فضح انتهاكات حقوق الإنسان من قتل وذبح من طرف التنظيم الإرهابي داعش في العراق والشام، خصوصا في مدينة الرقة السورية.
الموضوع الذي يحكيه هذا الفيلم لا يحتاج لأي تقديم، فالجميع يعرف ما يحدث في سوريا والعراق من مجازر ضد الإنسانية، حيث يوثق لنا بوجهة نظر منحازة ما يقوم به مجموعة من النشطاء والمدنيين من كشف للحقائق التي تحدث في تلك المنطقة، ما يفعله تنظيم داعش الإرهابي في حق الإنسانية والصورة الخاطئة التي يرسمها على الإسلام للعالم.
الرقة تذبح بصمت
في أغلب أوقاته يركز الوثائقي على مدينة الرقة، لأن أغلب أعضاء مجموعة "الرقة تذبح بصمت" هم من هناك، حيث نكتشف طريقة عملهم في إيصال ما يحدث داخل المدينة إلى العالم بعد أن تم عزلها من طرف داعش، ويعطينا صورة أقرب ومغايرة لما يحدث في سوريا والعراق أكثر ـ أو أفضل ـ مما نراه على قنوات التلفزيون.
الوثائقي مثير للإهتمام، فأغلبية الناس لم تكن لهم دراية حول وجود مجموعة مثل هذه تعمل بكل هذه العزيمة رغم شبح الموت الذي يحوم بهم، حتى أن الإعلام لم يعرف جيدا بمثل هؤلاء الأشخاص. سبيلك الوحيد لتتضح لك الصورة أكثر هو مثل هذه الأفلام الوثائقية.
على ما يبدو، فتصوير الفيلم بدأ منذ مدة طويلة عندما احتل داعش مدينة الرقة، حيث يوثق لنا الأحداث الأولى التي بدأت فيها هذه المجموعة (الرقة تذبح بصمت) في التكون. كما أنه يقدم مشاهد صادمة قد تكون أول مرة تراها. كما يظهر لنا أيضا الجانب الإعلامي للمجموعة وكيف كانت السبيل الوحيد لوسائل الإعلام العالمية للحصول على المعلومات والمواد البصرية والصوتية.
من ناحية أخرى، الوثائقي مؤثر وصادم جدا، فرغم أن أغلب أعضاء هذه المجموعة يعملون في السر بعيدا عن منطقة الحرب في سوريا والعراق، فلا فرق بينهم وبين من يموتون هناك، حيث تصلهم دائما تهديدات بالقتل من طرف داعش من أجل التوقف عما يفعلون والتوقف عن فضح الوجه الحقيقي لهذا التنظيم الإرهابي، حتى أنه تم اغتيال أحد أفرادهم في وضح النهار، مما جعلهم يستوعبون أن ما يفعلونه قد يكلفهم أرواحهم، لكنهم رغم ذلك يواصلون مهمتهم لأنهم يعلمون أن قلة في العالم من لهم الجرأة والعزيمة للقيام بهذا الواجب، واجب خطير لكنه ضروري.
من الناحية التقنية، الوثائقي مصور بطريقة احترافية وليست تقليدية تعتمد فقط على المقابلات، حيث نرى بطريقة أقرب للواقع كيف يعيش ويعمل هؤلاء الأشخاص، وكيف يتواصلون مع الأفراد الآخرين الذين يزودونهم بالمواد البصرية والصوتية من داخل مدينة الرقة ومناطق داعش، والذين بالمناسبة يجب أن تُدون أسمائهم في مجلدات التاريخ، لأنهم يقومون بمخاطرة التصوير والتوثيق من وسط وكر هذا التنظيم، الذي إذا اكتشف الأمر قد يغتالك بطريقة متوحشة.
الوثائقي هو من إخراج الأمريكي
ماثيو هينمان Matthew Henman، والذي كان ترشح فيلمه الوثائقي السابق
"Cartel Land" لجائزة الأوسكار سنة 2016 ضمن قائمة أفضل فيلم وثائقي.